0
أبو طالب عليه السلام
أبو طالب عليه السلام
لقد استبشر الجميع بولادة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخصوصاً القريشيين منهم سيما وأن والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد توفي وهو لا يزال في بطن أمه فكانت فرحتهم بولادته صلى الله عليه وآله وسلم عظيمة لأن المرء يحفظ في ولده، وقد تعالت الأنوار من بيت عبد المطلب في ذلك اليوم المبارك .
يقول أبو طالب في تسمية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ (محمد) :
لقد أكرم الله النبيّ محمداً


فأكرم خلق الله في الناس أحمد
وشق لـه من اسمه ليجلّه


فذو العرش محمود وهذا محمّد
يقول الإمام الصادق u: «إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي 5، فقال أبو طالب: اصبري سبتاً أُبشّرك بمثله إلا النبوة.
وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين u ثلاثون سنة» .
ولما وضعته أمه كفله جده عبد المطلب ثماني سنين، ثم احتضر للموت فدعا ابنه أبا طالب فقال له: «يا بني تكفل ابن أخيك مني فأنت شيخ قومك وعاقلهم ومن أجد فيه الحجى دونهم وهذا الغلام ما تحدثت به الكهان، وقد روينا في الأخبار أنه سيظهر من تهامة نبي كريم، وروي فيه علامات قد وجدتها فيه فأكرم مثواه واحفظه من اليهود فإنهم أعداؤه».
فلم يزل أبو طالب لقول عبد المطلب حافظاً، ولوصيته راعياً، وقال عليه السلام في أبيات من قصيدة يعبر فيها عن حبه وخوفه على ابن أخيه عندما أراد السفر إلى الشام :
ألم ترني من بعد همّ هممته


بغرّة خير الوالدين كرام

بأحمد لمّا أن شددت مطيتي


لرحل وقد ودعته بسلام

بكى حزناً والعيس قد فصلت لنا

وجاذب بالكفين فصل زمام

ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة


تفيض على الخدين ذات سجام
فقلت له رُح راشداً في عمومة


مواسين في البأساء غير لئام
فلما هبطنا أرض بصرى تشرّفوا


لنا فوق دور ينظرون جسام

فجاء بحيرا عند ذلك حاسراً


لنا بشراب طيّب وطعام

إلى أن قال :
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى


بحيرا من الأعلام وسط خيام

فثار إليهم خشية لعرامهم


وكانوا ذوي دهي معاً وغرام

دريساً وتمّاماً وقد كان فيهم

فجاءوا وقد هموا بقتل محمد

بتأويله التوراة حتى تفرقوا

فذلك من أعلامه وبيانه 

زَبير وكلّ القوم غير نيام

فردّهم عنه بحسن خصام

وقال لهم ما أنتم بطغام

وليس نهار واضح كظلام

وقد شهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي طالب في مواطن كثيرة منها: «أنهم سُئِلُوا u عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتفق على روايته المجمع على صحته «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» .
فقالوا: أراد بكافل اليتيم عمه أبا طالب لأنه كفله يتيماً من أبويه ولم يزل شفيقاً عليه» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعقيل بن أبي طالب: «أنا أُحبك
يا عقيل حبيّن : حباً لك وحباً لأبي طالب لأنّه كان يحبّك
» .
وعن أمية بن علي القيسي قال: «حدثني دُرسْتُ بن أبى منصور أنه سأل أبا الحسن الأول u: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محجوجاً بأبي طالب ؟
فقال : لا ولكنه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه محجوجٌ به ؟

فقال: لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصية.
قال: فقلت : فما كان حال أبي طالب ؟
قال: أقرَّ بالنبي وبما جاء به، ودفع إليه الوصايا ومات من يومه» .
وعن أبي ذر الغفاري قال: «والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب حتى أسلم بلسان الحبشة».
وقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: أتفقه الحبشة ؟
قال : «يا عم إن الله علمني جميع الكلام».
قال: «يا محمد اسدن لمصافا قاطالاها» يعني أشهد مخلصاً لا إله إلا الله .
فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: إن الله أقر عيني بأبي طالب».
إن الأرض ومنذ بدء الخليقة لم تخل من نبي أو وصي مرشد يرشد الناس إلى الهداية .
يقول أبو طالب t :
أنتَ الأمين محمد


فيهم أغر مُسَوَّدُ
لمسوَّدين أطاهر


كرموا وطالب المولد

من لدى آدم لم يزل


ولقد عرفتك صادقاً

فينا وصي مرشد

والقول لا يتفنّـد

في هذه الأبيات يشير أبو طالب إلى وجود وصي مرشد منذ آدم u، وأن محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو النبي المبعوث، والصادق الأمين الذي لا يكذب.
الإمام الصادق u قال: «لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتزوج خديجة بنت خويلد عليها السلام، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على أبناء عمومة خديجة عليها السلام، فابتدأ أبو طالب u بالكلام فقال:
«الحمد لرب هذا البيت ، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل، وأنْزَلَنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه، ثم إن ابن أخي هذا - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - ممّن لا يوزنُ برجل من قريش إلا رجح به، ولا يُقاسُ به رجل إلاعَظُمَ عنه ولا عدلَ له في الخلق وإن كان مقلاً في المال فإن المال رفد جارٍ وظلٌ زائلٍ وله في خديجة عليها السلام  رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل...».




إرسال تعليق

 
Top