|
خطر اللهو |
إن أخطر ما واجهته البشرية في حياتها قديماً
وحديثاً هو ذلك الانحدار الأخلاقي بين أفرادها والناتج عن اللهو والعبثية، فما من
مجتمع اشرأب فيه عنق اللهو إلا وازداد بعداً عن الله سبحانه وتعالى، ذلك الخطر
الذي يزيد في خطورته على كثير من الأمراض الفتاكة كالطاعون والجدري وغيرها.
ويقول
رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: «أربعة
يفسدن القلب وينبتن النفاق في القلب كما ينبتُ الماءُ الشجر : اللهو ، والبذاءة ،
وإتيان باب السلطان ، وطلب الصيد».
يقول
الإمام الصادق u
: «استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في
القلب كما ينبت الماءُ الزرعَ» .
أسباب اللهو
إن
أسباب اللهو عديدة منها:
أولاً:
التربية غير الملتزمة ونعني بها اللامبالاة في التربية الأمر الذي يؤدي إلى تفشي
مرض سرطان اللهو في المجتمعات البشرية وبالتالي ضياع الجهود والطاقات اللازمة
لبنائه اقتصادياً وعلمياً وثقافياً وعلى كافة المستويات ويجعل المجتمع ضعيفاً
منهكاً غير قادر على صد أي هجوم عسكري أو ثقافي قد يتعرض له من الخارج.
يقول
الإمام أمير المؤمنين علي u: «اللهو
يُفسدُ عزائمَ الجدِّ».
ويقول
u
أيضا ً: «أبعد الناس عن الصلاح المستهتر باللهو»
.
وإذا
كانت الإصابة بمرض السرطان تستدعي استئصال العضو المصاب أو جزء منه حماية ووقاية
لبعض أعضاء الجسم الأخرى ، فإن الإصابة بمرض سرطان اللهو يستدعي استئصال الإنسان
بكامله من المجتمع أو إيجاد علاج له .
ثانياً:
الجهل، ومن ثماره اللهو الذي يؤدي إلى تفشي مرض سرطان اللهو في المجتمع، فكلما كان
الإنسان جاهلاً بنتائج لهوه فإنه سينزلق في هاوية السقوط .
يقول الإمام أمير المؤمنين علي u: «اللهو
من ثمار الجهل» .
إن
الجهل يجعل الإنسان في غفلة عن نتائج اللهو القاتلة، وقد يدفعه ذلك إلى الاغترار
حين ينصحه الناصحون فتراه متمسكاً برأيه لا يتزحزح عنه.
يقول
الإمام أمير المؤمنين علي u: «كسبُ
العقلِ الاعتبارُ والاستظهارُ، وكسبُ الجهلِ الغفلةُ والاغترارُ»
.
إن
لكل من الجهل والعقل جنوده، فأيهما انتصر في داخل الإنسان ساد وخضع له الطرف
الآخر.
عن
سماعة بن مهران قال: «كنت عند أبي عبد الله u
وعنده عدة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل.
فقال
u:
اعرفوا العقل وجنده واعرفوا الجهل وجنده
تهتدوا.
قال
سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرّفتنا.
فقال
أبو عبد الله u: إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه من
الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل.
فقال
الله U
له: خلقتك خلقاً عظيماً وأكرمتك على جميع خلقي.
قال
u:
ثم خلق الجهل من البحر الأُجاج الظلماني، فقال له: أدبر فأدبر. ثم قال له : أقبل فلم
يقبل.
فقال
الله له: استكبرت ؟ فلَعنه. ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً، فلما رأى الجهل ما
أكرم الله به العقل وما أعطاه، أضمر له العداوة .
فقال
الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده، ولا قوة لي به فأعطني من
الجند مثل ما أعطيته.
فقال:
نعم، فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي.
قال: قد رضيت، فأعطاه خمسة وسبعين جنداً، فكان مما أعطى الله
العقل من الخمسة والسبعين الجند :
الخير
وهو وزير العقل، وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والإيمان وضده الكفر، والتصديق
وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط، والشكر
وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدّها العزة،
والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك،
والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع وضده
التكبر، والتُؤَدة وضدها التسرّع، والحلم وضده السفه، والصمت وضده الهذر،
والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده التجبر، والعفو وضده الحقد، والرقة
وضدها القسوة، واليقين وضده الشك والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى
وضده الفقر، والتفكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة،
والقنوع وضده الحرص، والمواساة وضدها المنع، والمودّة وضدها العداوة، والوفاء وضده
الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء،
والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة،
والإخلاص وضدّه الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة، والمعرفة
وضدها الإنكار، والمداراة وضدها المخاشنة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان
وضده الإفشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول،
والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق،
والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها
الإذاعة، والإنصاف وضده الحميّة، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذارة،
والحياء وضده الخلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب، والسهولة وضدها
الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضدّه المكاثرة،
والحكمة وضدها الهوى، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها
الإصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده
الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والأُلفة وضدها العصبية،
والسخاء وضده البخل.
ولا
تكمل هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن امتحن الله
قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه
الجنود حتى يستكمل وينقى من الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء
والأوصياء، وإنما يدرك الفوز بمعرفة العقل وجنوده وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا
الله وإياكم لطاعته ومرضاته» .
ثالثاً:
عدم اتباع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام
قدوة وأسوة حسنة لنا ولحياتنا، وعدم اتخاذ الطريق الذي خطه لنا النبي الكريم صلى الله عليه وآله
وسلم
وأهل بيته الطاهرين عليهم
السلام منهاجاً
لحياتنا لكي نحظى برضا الله وتوفيقه.