0
العلاقة بين الأحداث التكوينية والأحداث التشريعية
العلاقة بين الأحداث التكوينية والأحداث التشريعية
قال الله تعالى في كتابه الكريم : )إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا  { وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا { وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا(.

إن الحقائق الأرضية الجارية على هذه الأرض لا تزال يكتنفها الغموض ذلك أن الكثير من تلك الحقائق والأحداث قد فسرها علماء الطبيعة والفيزياء على أنها أحداث تحصل للأرض كجزء من طبيعتها التكوينية، فهم ينظرون إلى الزلازل والبراكين على أنها عبارة عن اصطدامات وانزلاقات للقشرة الأرضية في أماكن محددة وضعيفة من الأرض، ليس لها أية علاقة بالأحداث التشريعية.
إلا أن الاعتقاد بأنها أمور تشريعية، وأن الله ما أوجدها إلا من حيث علاقتها بالتشريع فإنه لا يوجد إلا عند الإسلام فقط.
إن الكثير ممن تبنوا الأفكار العلمانية يقولون: لماذا نصلي صلاة الكسوف وصلاة الخسوف؟ إنها أشياء طبيعية موجودة في الحدث الكوني ليست لها علاقة بالشرع، ولا بصلاة ولا بصيام، والدليل على ذلك أن الزلازل والبراكين والخسوف والكسوف تحصل منذ آلاف السنين، ولو كانت مثل هذه الأحداث مرتبطة بالتشريع لما تعرف عليها الغرب .
إن مثل هذه النظرة الفكرية القاصرة ناتجة عن عدم فهم الآيات التكوينية لله U، فالله عندما يوجد شيئاً ويوجد حدثاً أرضياً فهذا يعني أن هناك علاقة بين الحدث التكويني والحدث التشريعي، فإذا ما حدث زلزال ما في منطقة معينة فذلك لوجود شيء في أهلها.
الارتباط غير المباشر :
عندما يحصل فيضان في منطقة ما فذلك لعصيانهم، وإذا ما حدث زلزال أو بركان في مكان ما من العالم فذلك لوجود الظلم والجور فيها.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: )وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(.
عن يحيى بن صفوان قال: «حدثني بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله u : إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة.
وإذا فشا الجور في الحكم احتبس المطر .
وإذا خُفرت الذِّمَّةُ أُديلَ لأهل الشرك من أهل الإسلام.
وإذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة » .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة، ولا الجبال، ولا الساعات، ولا الليالي فتأثموا ويرجع إليكم» .
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أكلت أمتي الربا كانت الزلزلة والخسف».
ترى لماذا لا تحدث الزلازل ولا الفيضانات في بعض المناطق الإسلامية؟ ولماذا تحدث في أماكن أخرى ؟
إن من نعم الله علينا أن أوجدنا في المكان الذي تقتضيه نفوسنا الإسلامية والإيمانية، فكلما ازداد الإنسان إيماناً وتمسكاً بعقيدة محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم اندفعت عنه مثل هذه الحوادث.
كما أن الشهب والنيازك التي تسقط على الأرض ما هي إلا رجوم للشياطين من حيث الحالة التكوينية.
يقول تعالى: )وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(.
ويقول الإمام علي u : « ورمى مُسترقي السمع بثواقب شُهُبِها» .
وفي احتجاجه u على بعض اليهود:
قال له اليهودي: «فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم )فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً(.
قال له الإمام علي u : لقد كان كذلك ومحمد 5 سقط من بطن أمه واضعاً يده اليسرى على الأرض ورافعاً يده اليمنى إلى السماء، يحرك شفيته بالتوحيد، وبدا من فيه نور، ورأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من اصطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى فزعت الجن والإنس والشياطين، وقالوا حدث في الأرض حدث .
ولقد رُئِيَت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده، ولقد هَمَّ إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب.... وأرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هموا قد حجبوا من السماوات كلها ورموا بالشهب دلالة لنبوته صلى الله عليه وآله وسلم » .
يصل عدد النيازك والشهب الساقطة إلى أكثر من خمسين ألف شهاب في الساعة الواحدة، ولولا قدرة الله سبحانه وتعالى ووجود الغلاف الجوي لسقطت جميعاً على الأرض، إذ يتحول بقدرته تعالى من شعلة نار ساطعة إلى عمود من نور، إذا ما رآها الإنسان قال: لا إله إلا الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
الارتباط المباشر :
وأما من حيث الحدث التشريعي فإن الإنسان يرسل على الشيطان شهباً ونيازك، ولكن كيف يرسلها ؟
إن الإنسان بصلاته وخلال توجهه فيها إلى الله فإنه يرسل الشهب والنيازك، وهي أقوى تأثيراً من تلك الشهب الساقطة من السماء.
قد يتصور البعض أن الركوع والسجود والقيام والقعود في الصلاة ليس إلا حركات اعتيادية تشبه بعض الحركات الرياضية، إلا أنها في الحقيقة رجم وقذف للشياطين بهذه الصلاة.
ولكن هل بالصلاة وحدها ترجم الشياطين ويقطع وتينها ؟
قال رسول الله 5 لأصحابه : «ألا أخبركم بشيء إن فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب .
قالوا : بلى .
قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام» .

إن الصلاة حُجزَةُ الله في الأرض كما يقول الإمام الصادق u، فمن أحب أن يعلم ما أدرك من نفع صلاته فلينظر، إن كانت صلاته حجزته من الفواحش والمنكر فإنما أدرك من نفعها بقدر ما احتجَزَ، ومن أحب أن يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده




إرسال تعليق

 
Top