المحك الحقيقي |
ترى كيف وصل إبراهيم u
إلى مقام الإمامة ؟
إن الإنسان إذا ما
اجتاز امتحاناً أو اختباراً ما فسوف يحصل إما على ترقية وظيفية أكبر مما كان فيها،
أو على شهادة تؤكد مكانته العلمية وبخاصة في اجتياز ذلك الامتحان أو الاختبار الذي
تعرض له.
إلا
أن إبراهيم u
لم يحصل على مقام الإمامة إلا بالكلمات التي ابتلاه بها الله U،
لقد اختار الاختبار في معرفة حقيقة أهل البيت عليهم السلام ؟
يقول الإمام الصادق u حين سُئل عن قول الله U: )وَإِذِ
ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ(
: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: أسألك بحق محمد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم .
إن
مدار اجتيازنا للاختبار الحقيقي إنما يتم بمعرفة أهل البيت عليهم السلام ورضاهم، وهو محك
المؤمنين، يقول الإمام الحسين u: رضى
الله رضانا أهل البيت.
قال
أبو عبد الله u:
إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسينu،
فكان علي u
يُثنى عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا هذا الأمر، وكان مستقيماً.
وذكر
أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال: أنت شقي بن كسير .
قال:
أمي كانت أعرف باسمي سمتني سعيد بن جبير.
قال:
ما تقول في أبي بكر وعمر هما في الجنة أو في النار؟
قال:
لو دخلت الجنة ورأيت أهلها لعلمت من فيها، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من
فيها.
قال:
فما قولك في الخلفاء؟
قال:
لست عليهم بوكيل .
قال:
أيهم أحب إليك ؟
قال:
أرضاهم لخالقي .
قال:
فأيهم أرضى للخالق ؟
قال:
علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم .
قال:
أبيتَ أن تصدقني .
قال:
بل لم أحب أن أكذبك .
ومن
الواضح أن كل شيء يخالف أهل البيت u فهو
الباطل، وكل ما فيه رضاهم فهو الحق، وباتباعهم يحصل الرضى، فهم الخير أصله
وفرعه.
يقول الإمام الصادق u : ومَنْ سره أن يعلم أن الله يُحبّه فليعمل بطاعة الله وليتبعنا،
ألم يسمع قول الله U لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم:
) قُلْ إِنْ
كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ(
والله
لا يطيعه عبد أبداً إلا أدخل الله عليه في طاعته اتِّباعنا، ولا والله لا يتبعنا
عبد أبداً إلا أحبه الله، ولا والله لا يدعُ أحد اتباعنا أبداً إلاّ أبغضنا، ولا
والله لا يبغضنا أحد أبداً إلا عَصى الله، ومن مات عاصياً لله أخزاه الله وأكبه
على وجهه في النار والحمد لله رب العالمين) .
لقد
حاول البعض التغاضي عن رؤية الحق رغم وضوحه، واتباع الباطل ومبايعته رغم معرفتهم
به، يقول تعالى: )فَمَنِ
اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ
عَلَيْهَا(.
ولقد
روي عن عبد الله بن عمر أنه طرق على الحجاج بابه ليلاً ليبايع لعبد الملك كيلا
يبيت تلك الليلة بلا إمام لأنه سمع عن النبي 5
أنه قال: من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية، وقد بلغ من احتقار الحجاج له
واسترذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال: يدي عنك مشتغلة لكن هذه رجلي.
إلا
أن عبد الله بن عمر لما قتل عثمان واجتمع أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار
جيء به لمبايعة الإمام علي u وقالوا له : بايع.
قال:
لا حتى يبايع الناس .
فقال
له الإمام علي u:
ائتني بكفيل .
قال:
لا أرى كفيلاً .
قال
الأشتر: دعني أضرب عنقه.
قال
علي u:
دعوه أنا كفيله، إنك ما علمت لسيء الخلق صغيراً وكبيراً .
إن
القرآن ليؤثر في قلب المؤمن من خلال كلماته النورانية التي تضيء له طريق الهداية
إلى الله، ويبعث في نفسه روح التحدي والمقاومة ضد الظالمين مهما كانت سلطة جبروتهم
ولن يخافوا في الله لومة لائم .
قال
رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم : «إذا التبَسَتْ عليكم
الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مُشفَّعٌ وماحِلٌ مُصدَّقٌ ، من
جعله أمامه قادَه إلى الجنة ومن جعله خلفَه ساقه إلى النار، وهو الدليل، يدل على
خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن،
فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا
تُحصى عجائبه، ولا تُبلى غرائِبهُ، فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على
المعرفة»
.
وقال
أمير المؤمنين u:
«تعلموا
القرآن فإنّه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه
شفاءُ الصدور، وأحْسِنوا تلاوته فإنه أنفعُ القصص» .
القرآن
هو ذلك الكتاب المقدس الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم
كاملاً في ليلة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وهو القول الذي فصلت
آياته، والفرقان الذي يميز بين الحق والباطل بشواهد البينات، حكمة بالغة منزلة من
حكيم الحكماء، هو الشافي لمن حرم حرامه وأحل حلاله، يعدل به عن النار وينزله
الجنان، إنه زاد السفر إلى المعاد، لا ينقص نوره لدوام تلاوته، ولا يدرك غوْر فهمه
.
يقول
الرسول الكريم صلى
الله عليه وآله وسلم :
«القرآن
هدى من الضلال، وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من
الأحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة،
وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار».
إنه -القرآن- كلام
الله U،
أنزله في كتابه إلى محمد المصطفى برسالته، والمنتخب لإنذار عباده، وصف تعالى نفسه
فيه بأحسن الصفات، ودل خلقه، ونبههم فيه لمعرفته، بما وضع في سماواته وأرضه من آثار صنعته، ونفاذ قدرته، ذكرهم فيه بعظيم نعمه، وتعهد
إياهم من ابتداء خلقه، أمرهم فيه بالمكارم، ونهاهم عن المحارم، ووعدهم جزيل
الثواب، وجعل منه حياة قلوبهم.
قال
الله سبحانه وتعالى: )وَهَذَا كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ( سماه بالبركة،
ليعلموا طريق النجاة، ونوال الزلفى والكرامة، ثم قال جلّ جلاله: )لِيَدَّبَّرُوا
آيَاتِهِ(
، ثم قال: )قَدْ
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ { يَهْدِي
بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(
.
إرسال تعليق