من عرف الله خافه |
يقول
الإمام زين العابدين u: «وما العلم بالله
والعمل إلا إلفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه وحثه الخوف على العمل بطاعة الله، وإن
أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه، وقد قال الله
U:) إِنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ(».
لقد
جعل الله سبحانه وتعالى الذين يتفكرون في خلق السماوات
والأرض هم الخلق المفضلون )الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ(، والفرق شاسع بين من يعبد الله عن جهل ومن
يعبده عن علم ومعرفة.
عن
يعقوب بن سعيد عن أبي عبد الله u، قال: سألته عن قول الله )وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(.
قال:
خلقهم للعبادة.
عن
الديلمي عن أبيه قال: «قلت لأبي عبد الله u
فلان من عبادته وفضله ودينه كذا وكذا.
فقال:
كيف عقله ؟
قلت
: لا أدري .
فقال:
إن الثواب على قدر العقل، إن رجلاً من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من
جزائر البحر، خضراء نظِرةً كثيرة الشجر ظاهرة الماء، وإن ملكاً من الملائكة مر به
فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله ذلك فاستقله الملك فأوحى الله
إليه: أن اصحبه.
فأتاه
الملك في صورة إنسيِّ فقال له: من أنت ؟
فقال: أنا رجل
عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد الله معك، فكان معه يوم
ذلك، فلما أصبح قال له الملك: إن مكانك لنزه ولا يصلح إلا للعبادة.
فقال
العابد: إن لمكاننا هذا عيباً !!
قال:
وما هو ؟
قال:
ليس لربنا بهيمة، فلو كان له حمار عيناه في هذا الموضع فإن هذا الحشيش يضيع.
فقال
له الملك: وما لربك حمار ؟
فقال:
لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش. فأوحى الله إلى ذلك الملك: إنما
أتيته على قدر عقله» .
وعن
الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب u: قال: «بينما
أنا جالس في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ
دخل أبو ذر فقال: يا رسول الله جنازة العابد أحب إليك أم مجلس العلم ؟
فقال
رسول الله
صلى
الله عليه وآله وسلم: يا أبا ذر الجلوس
ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من ألف جنازة من جنائز الشهداء، والجلوس ساعة
عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من قيام ألف ليلة يصلي في كل ليلة ألف ركعة،
والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من ألف غزوة وقراءة القرآن كله.
قال:
يا رسول الله مذاكرة العلم خير من قراءة القرآن كله ؟
فقال
رسول الله
صلى
الله عليه وآله وسلم :
يا أبا ذر الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إليّ من قراءة القرآن كله اثني عشر
ألف مرة، عليكم بمذاكرة العلم، فإن بالعلم تعرفون الحلال من الحرام، ومن خرج من
بيته ليلتمس باباً من العلم كتب الله U له
بكل قدم ثواب نبي من الأنبياء، وأعطاه الله بكل حرف يسمع أو يكتب مدينة في الجنة،
وطالب العلم أحبه الله وأحبه الملائكة وأحبه النبيون ولا يحب العلم إلا السعيد،
وطوبى لطالب العلم يوم القيامة.
يا
أبا ذر: والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم خير لك من عبادة سنة صيام نهارها وقيام
ليلها، والنظر إلى وجه العالم خير لك من عتق ألف رقبة، ومن خرج من بيته ليلتمس باباً
من العلم كتب الله له بكل قدم ثواب ألف شهيد من شهداء بدر، وطالب العلم حبيب الله،
ومن أحب العلم وجبت له الجنة ويصبح ويمسي في رضى الله، ولا يخرج من الدنيا حتى
يشرب من الكوثر ويأكل من ثمرة الجنة، ولا يأكل الدود جسده، ويكون في الجنة رفيق
الخضر u، وهذا كله تحت هذه الآية قال الله تعالى:
)يَرْفَعِ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ(».
إرسال تعليق