0
ضربة الشمس الوقاية وعلاج
ضربة الشمس الوقاية وعلاج

من المعلوم أن المملكة العربية السعودية من المناطق الحارة جدًّا في العالم غالب أيام السنة، وقد تصل درجة الحرارة في أيام الحج إلى (44-50ْ) وتكون نسبة الرطوبة عالية (تتراوح ما بين 10-15%) أحيانًا. وتحدث ضربة الشمس أو الحرارة بسبب التعرض لبيئة شديدة الحرارة والرطوبة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة نتيجة فشل المركز المنظم للحرارة في المخ. كما وجد أن للجنس أهميته في نسبة حدوث ضربة الشمس، ففي الأجناس ذوي البشرة غير الملونة، والذين لم يتعودوا التعرض للشمس تكون النسبة عالية، وتقل هذه النسبة بين الملونين وقاطني المناطق الاستوائية وشديدة الحرارة، بينما ترتفع نسبة الحدوث بين المسنين، وضعيفي البنية، وذوي السمنة المفرطة، ومن يعانون من أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض البول السكري، وهبوط القلب، وغيرها من الأمراض. ويتضح جليًّا أنه كلما أسعف المريض فور إصابته بضربة الشمس، وبسرعة، مع تبريد جسمه تدريجيًّا، أمكن نجدته من خطر محدق ربما يودي بحياته. 
وضربة الشمس أو الحرارة لا تعني أنه لا بد حتى تحدث أن يتعرض الإنسان لحرارة الشمس فقط، بل إنها تحدث فيمن يقفون أمام الأفران المتوجهة، أو من هم في جو مرتفع الحرارة لمدة طويلة، مع وجود رطوبة عالية في الهواء المحيط بهم، ففي هذه الحالة تتوقف أهم عملية للحفاظ على حرارة الجسم في الجو الحار، وهي تبخُّر العرق الغزير الذي يحدث في مثل هذه الحالة؛ فترتفع تبعًا لذلك حرارة الجسم، وتحدث ضربة الشمس أو الحرارة كذلك عندما يتوقف إفراز العرق، وبالتالي تتجمع الحرارة داخل الجسم وترتفع، وتوقف إفراز العرق في حالات ضربة الشمس لا يعرف سببه حتى الآن، ولعله لوجود اضطراب في الآليات الجسمية المبددة للحرارة. 
ونود الإشارة إلى أن بعض الحجاج يعرضون أنفسهم لحرارة الشمس وقتًا طويلاً، ظنًا منهم أنهم بذلك يكسبون أجرًا عظيمًا، وليس ذلك من الدين في شيء، فعملهم هذا لا يتفق وقول الله تعالى: "وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وديننا سمح، ليس فيه مشقة ولا رهبانية، حريص على صحة الفرد، وصحة الأبدان. 


الأعراض: 
تشمل العلامات الوصفية (الأعراض) التي تظهر على مريض ضربة الشمس فرط الحرارة؛ إذ إن حرارته ترتفع فجأة إلى مستوى عالٍ، ربما تصل إلى (40-41ْم) (105ْف) مع جفاف في الجلد واحمرار. وتحت ظروف الكرب الحراري يشكو المصاب من صداع شديد، مع دوار، والشعور بالإغماء (هبوط مفاجئ)، مع اضطرابات في البطن من قيء أو إسهال، وألم بالبطن، وتشمل الملامح الشائعة الأخرى، هبوط التوتر (التالي لنقص حجم الدم، أو التوسع الوعائي المحيطي، أو خلل الوظيفة القلبية)، وتسرع القلب الجيبي، وزيادة عدد كرات الدم البيضاء، وزيادة إنزيمات المصل (الناجمة عن التخرُّب الخلوي)، واضطرابات الحامض والقلوي، واضطرابات الشوارد، واضطرابات التخثر (تجلط الدم). 
ويكون هناك خلل شديد في الجملة العصبية المركزية يتظاهر بهذيان أو ذهان، أو نوب اختلاجية (تشنجات عصبية). وفي الحالات الشديدة يكون المصاب في حالة سبات أو غيبوبة تامة (Coma)، مع ارتفاع شديد في درجة الحرارة، وغالبًا اللاعرقية Anhydrosis؛ وجفاف شديد في الجلد، وعمق في التنفس، وسرعة قوة النبض، وقد تستمر نوبات التشنجات العصبية لفترة طويلة، وفي الحالات الشديدة لا يوقفها أي علاج، وربما أودت بحياة المصاب. 
وبعض الحالات يقع فيها العبء الأكبر على الجهاز الهضمي، فبعد ارتفاع الحرارة والهذيان تعتري المريض نوبات شديدة من الإسهال ربما يكون مصحوبًا بالدم، وكذلك قيء شديد متواصل يكون مصحوبًا بالدم أيضًا، وسرعان ما يدخل المريض في صدمة شديدة وخطيرة. 
وتشمل الاختلاطات خللا وظيفيا أو قصورا في أي عضو جهازي بسبب التخرُّب الخلوي الناجم عن الإصابة الحرارية المباشرة، وإلى حد أقل عن عوز الأكسجين الخلوي. 
وأكثر الأعضاء تأثرًا بضربة الشمس أو الحرارة هي الأعضاء المهمة، كالمخ والقلب والكلى والرئة، والكبد والعضلات، ولقد وجد أن هذه الأعضاء تكون ملأى بنزف بين الخلايا المكونة لها، مما يسبب في بعض الحالات مضاعفات بعد زوال الصدمة أو الغيبوبة، ففي بعض الحالات الشديدة يصاب المريض بشلل نصفي، أو عدم القدرة على الاتزان والحركة لوجود مضاعفات في المخيخ الذي يقوم بهذه العملية، وكذلك تصاب خلايا الكلى فيحدث النزف مع وجود زلال في البول، وهبوط في عمل الكبد، وما يتبع ذلك من زيادة النزف إذا حدث بالجسم. 


الوقاية: 
لوحظ أن الوقاية مهمة جدًّا لعدم حدوث ضربة الشمس أو الحرارة، فالاحتراس من التعرض للشمس لفترة طويلة مهم، وتثقيف الناس حتى لا يعرضوا أنفسهم للمخاطر بكثرة تعرضهم للشمس والوقوف على الجبال، وإذا كان لا بد أن يتعرض أحد للشمس في الصيف، فإن ذلك يكون على فترات وجيزة يعود بعدها إلى الظل، مع تجنب المجهود الشاق في الأماكن الحارة في الظل، وتناول سوائل وقائية بها نسبة من الأملاح، ووفرة المياه والثلج في الأماكن التي يقل فيها الظل، والاهتمام بالملبس على أن يكون خفيفًا وفضفاضًا، من النوع الفاتح كالأبيض مثلاً، وانتشار المكيفات، وتوسيع الشوارع المؤدية للأماكن التي يحتشد بها الناس، كرمي الجمرات مثلاً، ثم تسهيل النقل والإسعاف، وزيادة طرق المواصلات.


المعالجة أو طرق العلاج:
 1-سرعة إبعاد المصاب عن أماكن الحرارة. 
2-خلع ملابسه مع وضعه على الظهر ورفع رأسه قليلاً. 
3-إذا كان المصاب في وعيه فأعطه ماءً مثلجًا، وإذا كان فاقدًا للوعي، فرشَّ على جسمه ماءً باردًا، ثم عرض الجسم لمروحة حتى يتبخر الماء بسرعة. 
4-ينقل المصاب للمستشفى فورًا مع مراعاة استعمال وسائل التبريد أثناء النقل، فإن سرعة إحضار المريض للمستشفى من أهم العوامل المساعدة على نجاح العلاج وإنقاذ المريض، فكلما تأخر المريض زادت احتمالات الوفاة، أو حدوث المضاعفات بعد الإفاقة. 

توجه المعالجة نحو إزالة فرط الحرارة وتدعيم الأعضاء الجهازية الحيوية: 
التبريد: يجب تخفيض فرط الحرارة مباشرة. والمعروف أن طرق العلاج في مثل هذه الحالات متعددة، منها: 
أن يوضع المصاب بسرعة في حمام مليء بالماء المثلج، أو حتى مليء بقطع من الثلج لتهبط درجة الحرارة بسرعة، فيفيق المريض من الغيبوبة، وباستعمال هذه الطريقة وجد أن نسبة الوفيات عالية؛ لأنها تعرض المريض لصدمة شديدة لا يمكنه التغلب عليها. ولقد وجد أن أفضل الطرق في مثل هذه الحالات هو أن يوضع المريض في حجرة مكيفة باردة، وتخلع ملابسه، ويغطى المريض بملاءات خفيفة مبللة توضع فوق الجلد بعد حكه بشاش مبلل بالماء البارد، وتدار مراوح الهواء فوق المريض، ويجب تمسيد الأطراف خلال التبريد إنقاصًا للتقبض الوعائي الجلدي المتحرض بالبرد، وحتى يتم تجنب حدوث انخفاض مفاجئ للحرارة، وبذلك نقلد الطريقة الطبيعية لما يقوم به الجسم، فعندما يتبخر الماء من فوق الجلد يسبب انخفاضًا تدريجيًّا في درجة الحرارة، وتستمر هذه العملية لفترة طويلة أو قصيرة حسب كل حالة، إلى أن تنخفض درجة الحرارة إلى درجة 38ْم. 
عند ذلك يجب إيقاف عملية التبريد ويلاحظ المريض، فإذا انخفضت درجة الحرارة، أمكن تكرار العملية، وهكذا إلى أن يفيق المريض وتتحسن حالته.




إرسال تعليق

 
Top