0
القــرآن
القــرآن

قال الله تعالى في كتابه الكريم : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)

تأثير القرآن : 
كلمات القرآن هي الهدى والضياء ، وهي الشفاء والنور الذي يدخل قلب من توجه إليها ودخل إلى أعماقها. 
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «القرآن هـدى من الضلال، وتبيان من العمى، واستقالـة من العثرة ، ونور من الظلمـة، وضياء من الأحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار». 
وإذا ما حاول الإنسان أن يستفيد من كلمات القرآن، أو أن يتعرف عليها فسوف يزداد إيماناً، ويزداد حبه وتعلقه بذلك النور الإلهي. 
وإن كلمات القرآن هي كلمات الاختبار والامتحان، ما خاب من دخل إلى كوامن أسرارها واستظل بوارف بركتها، وهي الحجة الكبرى في لحظات المواجهة مع أعداء الله وأهل البيت عليهم السلام .
يقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالاتنا أهل البيت والتبري من أعدائنا أقواماً، فيجعلهم في الخير قادة، تقص آثارهم وترمق أعمالهم ويقتدى بفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلواتها تبارك عليهم، وتستغفر لهم حتى كل رطب ويابس، يستغفر لهم حتى حيتان البحر، وهوامَه [سباع الطير]، وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها» .
لما وردت حرة بنت حليمة السعدية على الحجاج بن يوسف الثقفي فمثلت بين يديه فقال لها: الله جاء بك، فقد قيل عنك أنك تفضلين علياً على أبي بكر وعمر وعثمان.
فقالت: لقد كذب الذي قال إني أفضله على هؤلاء خاصة. 
قال: وعلى مَنْ غير هؤلاء ؟ 
قالت: أفضله على آدم ونوح ولوط وإبراهيم، وعلى موسى وداود وسليمان وعيسى بن مريم عليه السلام .
فقال لها: ويلك أقول لك إنك تفضلينه على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء أُولي العزم من الرسل، إن لم تأتِ ببيان ما قلت وإلا ضربت عنقك. 
فقالت: ما أنا أفضله على هؤلاء الأنبياء؛ ولكن الله عز وجل فضله عليهم في القرآن بقوله  في آدم: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)، وقال في حق عليّ (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً). 
فقال : أحسنتِ يا حرة، فبم تفضلينه على نوح ولوط ؟ 
فقالت: الله عز وجل فضله عليهما بقوله : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)، وعلي بن أبي طالب عليه السلام كان مع ملائكة الله الأكبر تحت سدرة المنتهى زوجته بنت محمد، فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالى لرضاها، ويسخط لسخطها.
فقال الحجاج : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله ؟ 
فقالت: الله عز وجل فضله بقوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
ومولاي أمير المؤمنين قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين، لو كشف لي الغطاء ما أزددت يقيناً، وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده أحد . 
قال: أحسنتِ يا حرة، فبم تفضلينه على موسى كليم الله ؟ 
قالت: بقوله عز وجل: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ)، وعلي بن أبي طالب بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يخف حتى أنزل الله تعالى في حقه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ). 
قال الحجاج : أحسنت يا حرة، فبم تفضلينه على داود وسليمان ؟ 
قالت: الله تعالى فضله عليهما بقوله عز وجل: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ). 
قال لها: في أي شيء كانت حكومته ؟
قالت: في رجلين كان لأحدهما كرم، وللآخر غنم فوقعت الغنم بالكرم فرعته فاحتكما إلى داود عليه السلام ، فقال: تُباع الغنم، وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه، فقال له ولده:
يا أبت بل يؤخذ من لبنها وصوفها ، قال تعالى : (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ)، وإن مولانا أمير المؤمنين قال: سلوني عما فوق العرش، سلوني عما تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني، وأنه دخل على رسول الله يوم فتح خيبر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحاضرين: أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم علي . 
فقال لها: أحسنتِ، فبم تفضلينه على سليمان ؟
فقالت : الله تعالى فضله عليه بقوله: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)، ومولانا علي عليه السلام قال: طلقتك يا دنيا ثلاثاً، لا حاجة لي فيك، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً). 
فقال : أحسنت يا حرة، فبم تفضلينه على عيسى بن مريم ؟ 
قالت: الله عز وجل فضله بقوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)، فأخر الحكومة إلى يوم القيامة، وعلي بن أبي طالب عليه السلام لما ادعى الحرورية فيه ما ادعوه، وهم أهل النهروان قاتلهم ولم يؤخر حكومتهم ؛ فهذه كانت فضائله، لم تعد بفضائل غيره.
قال: أحسنت يا حرة ، خرجت من جوابك، لولا ذلك لكان ذلك ثم أجازها وسرحها سراحاً حسناً رحمة الله عليها.




إرسال تعليق

 
Top